•الفصل الأول : عائلة المشايخ
فى عهد محمد على الكبير كانوا يفرضون الضرائب الشاقة على الفلاحين ومن يتأخر عن السداد يجلد ويذل , فكان الفقراء يفرون
من بلد إلى بلد خوفاً من السجن والإهانة.
أسرة على مبارك هربت من قرية الكوم والخليج واستقرت فى قرية برنبال الجديدة وهى قرية من قرى محافظة الدقهلية ووصل
عددهم المائتين وعرفوا بعائلة المشايخ لمعرفتهم القراءة والكتابة والحساب والعلم الدينى وكان منهم القضاة ومن يعقدون
للناس عقود الزواج وأيضاً الأئمة الذين يصلون بالناس فكانوا محل احترام من أهل القرية ومن الحكومة فأعفتها من الضرائب
وولد على مبارك عام1823م فكان لميلاده فرحة كبيرة فى برنبال كلها . ولكن الفرحة لم تدم طويلاً فقد زادت الضرائب على
عائلة المشايخ فهربوا إلى ناحية الشرق وكان عمر على مبارك 6 سنوات حتى استقروا فى عرب السماعنة التابعة لمحافظة
الشرقية فارتاح لهم وبكرمهم وفرحوا هم به لإنهم كانوا يبحثون عن فقيه يرجعون إليه فى أمور دينهم فأحبوا الشيخ مبارك
واقاموا له جامعاً وجعلوه إماماً له .
•الفصل الثاني : عزة نفس وطموح مبكر
التفت الشيخ مبارك إلى تعليم ابنه ولكنه كان مشغولاً فأسند تعليمه إلى الشيخ أحمد أبو خضر وكان على مبارك يقيم فى منزل
الشيخ ويعود إلى منزله يوم الجمعة وكان أحمد أبوخضر كاشر الوجه , قاسى الطبع وبجانبه عصا غليظة يضرب بها الأولاد فكره
الشيخ .
وأدرك أنه إذا اجتهد يمكن أن يفر من هذه العصا وأمضى سنتين أتم فيهما حفظ القرآن الكريم للمرة الأولى وكان ينبغى أن يعيد
حفظه ليثبته فاشتدت عليه العصا فرفض أن يذهب إلى الشيخ ثانيةً . فعاد ابوه يعلمه بنفسه حتى انصرف على إلى اللعب ونسى
ما حفظ فحزن أبوه لذلك وامره بالعودة إلى الشيخ فرفض الصغير أن يعود إلى العصا الغليظة مرة ثانية فترك الشيخ مبارك على
يختار بنفسه الطريق الذى يفضله , فاختار على مبارك أن يكون
كاتباً مثل الكاتب الذى رآه مرتدياً ملابس نظيفة والناس يحترمونه واخبر والده بذلك فاسرع به إلى صديق له من الكتاب الذين
يكتبون للناس شكواهم وعقودهم وغيرها ورجاه
أن يعلمه ويربيه ويأخذه فى منزله ويجعله واحداً من أولاده ففرح على مبارك كثيراً وأعجبه ملابسه الحسنة وجعل يقول فى
نفسه : بلغت يا على ما كنت تتمنى !
ولكن ظنه كان خاطئاً لأنه وجد بيت الكاتب يموج بالضجة لكثرة عيال الرجل ثم جاءت معاملة الكاتب لعلى معاملة سيئة للغاية
ووجد على نفسه لا يتعلم من الكاتب شيئاً بل هو يعمل خادماً عنده فلم يطق هذا الجو الكئيب وعاد إلى أبيه يريه آثار الضرب
والمعاملة السيئة فقابل أبوه شكواه بالغضب الشديد مما جعل على مبارك يهرب إلى قريته الأولى وأقام عند قريب له هناك واخبره
بالقصة فاستخدم معه قريبه اللين والملاطفة وارجعه إلى بيته حيث والديه فى شوق ولهفة عليه وعرضوا عليه التعليم عند كاتب
يقيس الأراضى للفلاحين فقال الصبى فى اعتزاز بنفسه : اجرب فإذا أعجبنى استمر وإلا ابحث عن عمل آخر فأنى أريد أن أكون
من الكبراء .
•الفصل الثالث : السجين المظلوم
رضى على مبارك على عمله عند الكاتب الجديد واطمأن إلى مصاحبته لكنه طرده بعد 3 شهور لأنه لصغر سنه كان يفشى
اسراره للفلاحين فعاد الشيخ مبارك يعلمه بنفسه ثم ألحقه بكاتب فى أبو كبير بأجر قدره 50قرشاً فى الشهر،ولكنه لم يستمر
أكثر من 3 شهور وذلك لأن الكاتب لم يعطه أجره فعزم على أن يأخذ حقه بالحيله وخصم على مبارك 150 قرشاً من تحصيله
لبعض المال للكاتب فعزم الكاتب على الإنتقام منه فاخبر المأمور بذلك الأمر فأوقعه المأمور بحيلة ذكية ووضعه فى السجن
المظلم مقيداً بالحديد لمدة 20 يوماًحتى انقذه الله على يد السجان العطوف الذى توسط له عند مأمور لزراعة القطن يسمى عنبر
أفندى فى حاجة إلى كاتب فوافق على أن يعمل لديه على مبارك بمبلغ 75 قرشاً فى الشهر وهنا أدرك على أن العلم هو الذى
أخرجه من السجن وانزله مكانة عالية.
•الفصل الرابع : سر غامض
رأى على مبارك عظمة وأبهة عنبر أفندى وكيف يقف الناس خاضعين إلى أوامره فتعجب وسأل نفسه ما سر عظمة هذا
الرجل؟ وماذا أكسبه هذا الجلال؟ ولم يجب على اسئلة على مبارك إلا فراش عنبر أفندى فأخبره أنه دخل مدرسة قصر العينى
بواسطة إحدى سيدات المجتمع واخبره أيضاً أن تلاميذ هذه المدرسة يتعلمون الخط واللغة التركية والحساب وغير ذلك وأن
الحكام يؤخذون منها فقال على مبارك عرفت سر عظمة هذا الرجل إنه التعليم الذى يرفع الناس ويعلى أقدارهم ويحقق لهم الحياة
الكريمة وسأله أيضاً هل يدخل هذه المدرسة أبناء الفلاحين ؟ فقال الفراش أنه يدخلها من كان له واسطة فدعى على مبارك الله
أن يقدر له دخول هذه المدرسة وأخذ يسأل الفراش أن يحدثه عن هذه المدرسة فوصفها له واخبره عن كل ما احب أن يعرف
ودون على مبارك كل شىء فى ورقة واستأذن من عنبر أفندى ليعطيه إجازة, وخدمه الحظ إذ تقابل وهو فى طريقه إلى بلدته مع
تلاميذ مدرسة منية العز وتسابق معهم فى الخط فكان هوالفائز وشجعه معلمهم على التقدم إلى مكتب منية العزلإنه يوصل إلى
مدرسة قصر العينى كما أكد له أن تعليمه سيكون على نفقة الدولة ففرح على مبارك ومضى مع الأطفال إلى منية العز وعندما
علم والده بما حدث أخذه وحبسه فى البيت 10 أيام ولكنه استطاع الهرب والتحق بالمدرسة وسار على مبارك فى طريقه مجداً
دائب العمل فكان من التلاميذ النجباء الذين فرزوا لإلحاقهم بمدرسة قصر العينى بدون واسطة وعندما التحق بالمدرسة اكتشف
أن ما قاله الفراش عن المدرسة لم يكن إلا وهما كبيراً, فقد كان القائمون على التعليم يؤذون التلاميذ بالضرب والإهانة وكانت
مفروشاتهم من حصر الحلفا والطعام رديئ وحاول الشيخ مبارك أن يخلصه من هذا النظام القاسى وأيضاً حاول هو الهرب ولكنه
تحمل من أجل خوفه على أهله من البلاء الشديد وبطش الحكام وصارت المدرسة بعد نقلها إلى أبى زعبل خاصة بالطب..,, ووجد
على مبارك الهندسة والحساب والنحو علوماً ثقيلة عليه حتى تدخل ناظر المدرسة رأفت أفندى وقام بشرح المواد الصعبة بطريقه
مبسطة حتى أحب على مبارك الهندسة والحساب وتفوق فيهما وانفتح الباب أمامه عندما اختاروه للدراسة بمدرسة
المهندسخـــــــانة وقضى بها5 سنوات برع خلالها فى الدراسة ولقى اعجاب المعلمين والنظار. ,,